فصل: السنة العاشرة من سلطنة الظاهر جقمق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 السنة العاشرة من سلطنة الظاهر جقمق

وهي سنة إحدى وخمسين وثمانمائة‏.‏

فيها توفي الأمير أيتمش بن عبد الله من أزوباي الناصري فرج ثم المؤيدي أستادار الصحبة وأحد أمراء العشرات في يوم الأربعاء ثالث صفر وتولى أستادارية الصحبة بعده الأمير سنقر الظاهري‏.‏

وكان أيتمش المذكور من جملة من تأمر بعد موت الملك الأشرف برسباي ثم ولاه الملك الظاهر جقمق أستادارية الصحبة مغلباي الجقمقي بحكم خروجه إلى دمشق أميرًا فدام أيتمش المذكور على وظيفته إلى أن مات‏.‏

وكان مسيكًا مسرفًا على نفسه لم يشهر بشجاعة ولا كرم ولا تدين‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قاني باي بن عبد الله الأبو بكري الناصري المعروف بالبهلوان نائب حلب بها في شهر ربيع الأول وتولى عوضه نيابة حلب الأمير برسباي الناصري نائب طرابلس‏.‏

وكان أصل قاني باي المذكور من مماليك الملك الناصر فرج ثم حطه الدهر بعد موت أستاذه وخدم عند جماعة من الأمراء مثل الوزير أرغون شاه النوروزي ومثل بردبك الجكمي العجمي ثم اتصل بخدمة ططر فلما تسلطن أنعم عليه بإمرة عشرة ثم صار أمير طبلخاناه في أوائل دولة الملك الأشرف برسباي وثاني رأس نوبة بعد قطج من تمراز بحكم انتقال قطج إلى تقدمة ألف فدام على ذلك سنين إلى أن نقله الملك الأشرف إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية ثم ولاه نيابة ملطية مضافًا على تقدمته فباشر ذلك مدة ثم أخرج السلطان تقدمته عنه واستمر في نيابة ملطية فقط ثم عزله وولاه أتابكية حلب فدام على ذلك سنين إلى أن نقله الملك الأشرف إلى أتابكب دمشق بعد موت تغري بردي بآمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة‏.‏

والعجب أنه لما صار أتابك حلب كان يوم ذاك حاجب حجابها أستاذه بردبك العجمي ثم لما صار أتابك دمشق كان يوم ذاك أستادار السلطان بدمشق أستاذه أرغون شاه النوروزي الأعور فانظر إلى حركات هذا الدهر وتقلباته‏!‏‏.‏

واستمر قاني باي في أتابكية دمشق إلى أن خرج الأتابك إينال الجكمي نائب الشام عن طاعة الملك الظاهر جقمق فوافقه قاني باي هذا بل وحرضه على الخروج عن الطاعة ليصل بذلك لأغراضه فلم تكن موافقته إلا مدة يسيرة وأرسل إليه الملك الظاهر جقمق من مصر يعده بأشياء إن ترك موافقة الجكمي وعاد إلى طاعته ففي الحال عاد إلى طاعة السلطان وخذل إينال الجكمي بعد أن كان هو أكبر الأسباب في خروجه فنقله السلطان إلى نيابة صفد بعد عزل إينال العلائي الناصري عنها وقدومه إلى مصر أمر مائة ومقدم ألف بها ثم نقله إلى نيابة حماة بعد عزل أستاذه بردبك العجمي عنها ثم نقل إلى نيابة حلب بعد عزل الأمير قاني باي الحمزاوي عنها وقدومه إلى القاهرة أمير مائة ومقدم ألف بها على إقطاع شاد بك الجكمي جكم استقرار شاد بك في نيابة حماة عوضًا عن قاني باي المذكور‏.‏

واستقر قاني باي في نيابة حلب إلى أن مات وهو في عشر الستين‏.‏

وكان مليح الشكل متوسط السيرة مسرفًا على نفسه لم يشهر بشجاعة ولا معرفة بفن من الفنون وكان يلقب بالبهلوان على سبيل المجاز لا على الحقيقة رحمه الله‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين إينال بن عبد الله الششماني الناصري فرج أتابك دمشق بها في جمادى الأولى وهو في عشر الستين‏.‏

وكان أيضًا من مماليك الملك الناصر فرج وتأمر عشرة في أيام أستاذه ثم نكب وتعطل مدة سنين إلى أن أنعم عليه الأتابك ططر بإمرة عشرة وصار من جملة رؤوس النوب ثم ولاه الملك الأشرف حسبة القاهرة سنين ثم عزله ثم نقله بعد مدة إلى إمرة طبلخاناة ثم صار ثاني رأس نوبة وسافر أمير حاج المحمل وكان سافر أمير الركب الأول قبل ذلك بسنين ثم ولاه الأشرف نيابة صفد بعد موت الأمير مقبل الحسامي الدوادار فلم ينتج أمره في صفد لرخو كان فيه وعدم شجاعة وعزله السلطان عن نيابة صفد‏.‏

ثم أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق فدام على ذلك سنين إلى أن أقره الملك الظاهر جقمق أتابكًا بدمشق بعد توجه قاني باي البهلوان إلى نيابة صفد فدام على ذلك إلى أن مات‏.‏

وكان دينًا عفيفًا عن الفواحش إلا أنه لم يشهر بشجاعة ولا كرم‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين برسباي بن عبد الله من حمزة الناصري نائب حلب بها أو بظاهرها بعد أن استعفى عن نيابة حلب لطول مرضه‏.‏

وكان أيضًا من مماليك الملك الناصر فرج ومن خاصكيته ثم صار من جملة أمراء دمشق ثم أمسكه الملك المؤيد شيخ وحبسه سنين ثم أطلقه فدام بطالًا إلى أن أنعم عليه الأتابك ططر بإمرة بدمشق ثم ولاه الملك الأشرف حجوبية الحجاب بدمشق فدام على الحجوبية سنين طويلة ونالته السعادة إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق نيابة طرابلس بعد قاني باي الحمزاوي بحكم انتقال الحمزاوي إلى نيابة حلب بعد تولية جلبان على نيابة دمشق بحكم موت آقبغا التمرازي فدام برسباي في طرابلس سنين إلى أن نقل إلى نيابة حلب بعد موت قاني باي البهلوان فدام على نيابة حلب مدة ومرض وطال مرضه إلى أن استعفى فأعفي وخرج من حلب إلى جهة دمشق فمات في أثناء طريقه‏.‏

وكان جليلًا حشمًا دينًا عفيفًا عن المنكرات والفروج وكان شديدًا على المسرفين فإنه كان يدخل إليه بالسارق أو قاطع الطريق فيقول‏:‏ ‏"‏ خذوه إلى الشرع ‏"‏ ويدخل إليه بالسكران فيضربه حدودًا كبيرة‏.‏

الجملة إنه كان دينًا خيرًا رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي قاضي قضاة دمشق وعالمها ومفتيها وفقيهها تقي الدين أبو بكر الدمشقي الشافعي المعروف بابن قاضي شهبة في ذي القعدة بدمشق فجاءة بطالًا بعد أن انتهت إليه الرئاسة في فقه مذهبه وفروعه‏.‏

وكان ولي قضاء دمشق وخطب في واقعة الجكمي للملك العزيز يوسف فحقد عليه الملك الظاهر جقمق ذلك وعزله إلى أن مات بعد أن تصدى للإفتاء والتدريس سنين كثيرة وانتفع غالب طلبة دمشق وصنف التصانيف المفيدة رحمه الله‏.‏

وتوفي الأمير الطواشي صفي الدين جوهر المنجكي نائب مقدم المماليك السلطانية معزولًا في أول ذي الحجة‏.‏

وكان أولًا من جماعة طواشية الأطباق أعني أنه كان مقدم طبقة المقدم حتى ولاه الملك الظاهر جقمق نائب مقدم المماليك بعد عزل فيروز الركني الرومي عنها فدام على ذلك سنين ثم عزل بجوهر السيفي نوروز إلى أن مات‏.‏

وهو صاحب المدرسة التي أنشأها برأس سويقة منعم تجاه مصلاة المؤمني وأوقف عليها وقفًا بحسب حاله‏.‏

وتوفي الشيخ المسند المعمر القاضي عز الدين عبد الرحيم أبن محمد بن عبد الرحيم ابن الفرات الحنفي أحد نواب الحكم في يوم السبت سادس عشرين ذي الحجة‏.‏

وكان له رواية وسند عال في أشياء كثيرة سماعًا وإجازة وحدث سنين كثيرة وصار رحلة زمانه ولنا منه إجازة بجميع سماعه ومروياته وقد استوعبنا ترجمته في غير هذا الكتاب رحمه الله‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أحد عشر ذراعًا واثنا عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعًا وأربعة عشر إصبعًا‏.‏

السنة الحادية عشرة من سلطنة الظاهر جقمق وهي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة‏.‏

فيها توفي الشيخ برهان الدين إبراهيم بن خضر العثماني الشافعي أحد فقهاء الشافعية في ليلة خامس عشر المحرم‏.‏

وكان فاضلًا فقيهًا‏.‏

تفقه بالقاضي شهاب الدين بن حجر وبغيره ودرس وأقرأ وعد من الفضلاء إلا أنه كان دنس الثياب غير ضويء الهيئة رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الشيخ شهاب الدين أحمد بن عثمان الريشي الشافعي في يوم الأربعاء حادي عشرين المحرم‏.‏

وكان له اشتغال قديم مع توقف في ذهنه وفهمه ثم ترك الاشتغال وتردد إلى أرباب الدولة لطلب الرزق‏.‏

على أنه كان دينًا خيرًا وعنده سلامة باطن رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين آقطوه بن عبد الله الموساوي الظاهري بطالًا في ليلة الثلاثاء ثاني عشر صفر ودفن من الغد‏.‏

وكان أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق وصار من جملة الدوادارية الدولة المؤيدية شيخ ثم تأمر عشرة بعد موته ودام على ذلك دهرًا طويلًا مهمندارًا في الدولة الأشرفية ثم توجه في الرسلية إلى القان معين الدين شاه رخ بن تيمورلنك ثم عاد ودام على ما هو عليه إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإمرة طبلخاناه ثم نفاه بعد سنين ثم أعاده وأنعم عليه بإمرة عشرة ثم نفاه ثانيًا وشفع فيه بعد مدة فعاد إلى القاهرة بطالًا ودام بها إلى أن مات‏.‏

كان تركي الجنس ويتفقه ويشارك في ظواهر مسائل على قاعدة غالب فقهاء الأتراك‏.‏

سألني مرة سؤالًا وابتدأ في سؤاله بقوله‏:‏ ‏"‏ باب ‏"‏ فقبل أن يتم السؤال قلت له‏:‏ ‏"‏ باب مرفوع على أي وجه ‏"‏ فسكت ثم قال‏:‏ ‏"‏ هذا شيء لم أسمعه منذ عمري ‏"‏ فضحك جميع من حضر ولم يسألني بعدها إلى أن مات‏.‏

وكان عفيفًا عن الفواحش إلا أنه كان فيه البخل وسوء الخلق وتعبيس الشكالة رحمه الله‏.‏

وتوفي الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن يحيى السندبيسي الشافعي أحد فقهاء الشافعية في ليلة الأحد سابع عشر صفر ودفن الغد وكان معدودًا من فقهاء الشافعية رحمه الله‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أسنباي بن عبد الله الظاهري الزردكاش كان أحد أمراء العشرات في العشر الأخير من صفر عن سن عال‏.‏

وكان من أعيان مماليك الملك الظاهر برقوق وممن صار في أيام أستاذه زردكاشًا‏.‏

وأسر في كائنة تيمور وحظي عنده وجعله تيمورلنك زردكاشه ودام عنده إلى أن مات فقدم القاهرة ودام بها إلى أن استقر في دولة الملك المؤيد أمير عشرة وزردكاشًا كبيرًا وصار مقربًا عند الملك المؤيد إلى الغاية‏.‏

ثم عزل عن الزردكاشية بعد موت الملك المؤيد ودام على إمرة عشرة‏.‏

وتولى نيابة دمياط غير مرة إلى أن مات بالقاهره على إمرته‏.‏

وكان رجلًا عاقلًا عارفًا بمداخلة الملوك وبصناعة الزردخاناه وكان حلو المحاضرة إخباريًا حافظًا لما رأى من الوقائع والحروب وأحوال السلف وكان حسن السمت عليه أنس وخفر ولكلامه رونق ولذة في السمع نقلت عنه كثيرًا في ‏"‏ المنهل الصافي ‏"‏ وغيره من أخبار خجداشيته الظاهرية وغيرهم وكان بيني وبينه صحبة أكيدة‏.‏

ولقد بلغني بعد موته أنه كان سيدًا شريفًا من أشراف بغداد الأتراك ونهب منها في سبي في بعض السنين ولم أسأله أنا عن وتوفي الوزير الصاحب كريم الدين عبد الكريم ابن الوزير الصاحب تاج الدين عبد الرزاق بن شمس الدين عبد الله المعروف بابن كاتب المناخات بالقاهرة بطالًا بعد مرض طويل في يوم الأحد لعشر بقين من جمادى الآخرة وسنه نيف على الخمسين‏.‏

وكان لا بأس به بالنسبة لأبناء جنسه الكتبة وقد تقدم أنه ولي نظر ديوان المفرد ثم الوزر غير مرة ثم الأستادارية مرتين ثم كتابة السر ثم الوزر ونكب وصودر وضرب بالمقارع في بعض تعطله وتولى الكشف بالوجه القبلي ثم توجه إلى جدة ثم أعيد إلى الوزر سنين ثم استعفى وتولى عوضه الوزر الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم رحمه الله‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين شاهين بن عبد الله السيفي طوغان الحسني الدوادار وهو على نياية قلعة دمشق في جمادى الأولى‏.‏

وكان أصله من مماليك طوغان الحسني الدوادار واتصل بعده بخدمة الملك الظاهر جقمق في أيام إمرته وصار دواداره ولما تسلطن جعله بعد مدة دوادارًا ثالثًا ثم ولاه نيابة قلعة حلب فوقع له بحلب أمور وعزل منها ونقل إلى نيابة قلعة دمشق إلى أن مات‏.‏

وكان يصبغ لحيته بالحناء مع بخل وشح حتى على نفسه عفا الله عنه‏.‏

وتوفي الناصري محمد بن علي بن شعبان ابن السلطان حسن بن محمد بن قلاوون أحد الأجناد وندماء الملك الظاهر جقمق في حياة أبيه وأمه في يوه الخميس سابع جمادى الآخرة‏.‏

وكان لا بأس به إلا أنه كان في مبدأ أمره فقيرًا وجاءته السعادة لصحبته الملك الظاهر جقمق فجاءة فكان حاله كقول القائل‏:‏ الطويل ويا ويل من ذاق الغنا بعد حاجة يموت وقلبه من الفقر واجس فكان كذلك إلا أنه كان بشوشًا ويحسن رمي النشاب على قدر حاله ويجيد الغناء والموسيقى وفي الجملة كان له محاسن مع أصل وعراقة رحمه الله‏.‏

وتوفي الشيخ زين الدين رضوان بن محمد بن يوسف العقبي الشافعي مستملي الحديث في يوم الاثنين ثالث شهر رجب‏.‏

وكان دينًا فاضلًا حسن السمت منور الشيبة رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام العالم المعتقد فتح الدين أبو الفتح محمد بن أحمد ابن الشيخ وفاء الإسكندري الأصل المصري المولد والمنشأ والوفاة المالكي الواعظ المعروف بابن أبي الوفا في يوم الاثنين أول شعبان‏.‏

وكانت جنازته مشهودة ودفن عند آبائه بتربتهم بالقرافة بعد أن صلي عليه بجامع عمرو بمصر القديمة‏.‏

وكان أعلم بني الوفاء قاطبة وأشعرهم في زمانه ومات وسنه نيف على ستين سنة تخمينًا‏.‏

وكان له فضل غزير وشعر رائق كثير ذكرنا منه قطعة جيدة في ‏"‏ الحوادث ‏"‏ ونذكر منه هنا قصيدة وهي التي أولها‏:‏ الكامل الروح مني في المحبة ذاهبه فاسمح بوصل لا عدمتك ذا هبه قد خصك الرحمن منه خصائصًا فحللت من أوج الكمال مراتبه وبنورك الوضاح في غسق الدجى أطلعت في فلك الوفاء كواكبه ما زلت بالمعروف تعرف دائمًا وتنيل من آوى إليك فطالبه لم يبق في قلبي سواك من الورى كلًا ولا فيه لغيرك شائبه بك يمنح الله الوجود بجوده ويبث فيه عطاءه ومواهبه وتطيب منك أصوله وفروعه وتعيش أرواح لبعدك ذائبه رجع الوفاء بنور وجهك غامرًا أغذيت للوراد منه مشاربه وجميل سترك بالوفا عم الورى فمن احتمى فيه سترت معايبه وشعره كله في هذا النسق رحمه الله‏.‏

وتوفي الشهابي أحمد ابن الأمير نوروز بن عبد الله الخضري الظاهري المعروف بشاد الأغنام في يوم الأحد رابع عشر شعبان‏.‏

وكان أبوه نوروز من مماليك الملك الظاهر برقوق وتولى حجوبية حلب في نيابة الوالد على حلب ثم نقل بعد مدة طويلة إلى حجوبية دمشق أو إلى إمرة بها فلم تطل مدته بها وقبض عليه الأمير تنم الحسني نائب الشام لما خرج عن الطاعة في سنة اثنتين وثمانمائة ووسطه‏.‏

ونشأ ولده هذا يتيمًا على حالة رديئة من الفقر والإفلاس إلى أن خدم الملك الظاهر جقمق في أيام إمرته وطالت أيامه في خدمته فلما تسلطن قربه وأنعم عليه بإمرة بالبلاد الشامية فلم يسكن الشام ودام بمصر حتى أنعم عليه الملك الظاهر جقمق أيضًا بإمرة عشرة زيادة على ما بيده بالشام ثم جعله شاد الأغنام بالبلاد الشامية فنالته السعادة من ذلك وصار له كلمه في الدولة وترأس واقتنى المماليك والخيول وبقي له حاشية واسم في المملكة‏.‏

فعند ذلك انتهز أحمد المذكور الفرصة وانهمك في اللذات فما عف ولا كف‏.‏

وبينما هو في ذلك طرقه هادم اللذات ومات بعد مرض طويل وقد استقر أمير الركب الأول من الحاج فاستقر الأمير قانم التاجر المؤيدي عوضه في إمرة الركب‏.‏

وكان أحمد المذكور مهملًا عاريًا من كل علم وفن أجنبيًا عن كل فضيلة‏.‏

وكان يتلفظ في كلامه بألفاظ العامة السوقة مثل‏:‏ ‏"‏ أقاتل على حسبي ‏"‏ و ‏"‏ أخذت رحلي ‏"‏ وأشياء من هذا النسق‏.‏

وكان مع ذلك يلثغ بالسين ويرمى بعظائم من ترك الصلاة وأخذ الأموال وغير ذلك‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين تغري برمش بن عبد الله الجلالي الناصري ثم المؤيدي الفقيه نائب قلعة الجبل بطالًا بالقدس الشريف في يوم الجمعة ثالث شهر رمضان وقد أناف على الخمسين سنة هكذا ذكر لي من لفظه وقال لي إن أباه كان مسلمًا في بلاده واشتراه بعض التجار ممن سرقه وابتاعه منه خواجا جلال الدين وقدم به إلى حلب فاشتراه الملك الظاهر جقمق منه وقد توجه جقمق وهو يوم ذاك خاصكيًا إلى الأمير جكم نائب حلب بكاملية الشتاء من السلطان على العادة في كل سنة‏.‏

وقدم به جقمق إلى القاهرة وقدمه إلى أخيه جاركس القاسمي المصارع فلما عصى جاركس أخذه الملك الناصر فرج فيما أخذ لجاركس‏.‏

ودام تغري برمش بالطبقة بقلعة الجبل حتى ملك الملك المؤيد شيخ الديار المصرية فأخذه من جملة مماليك الملك الناصر فرج وأعتقه فادعاه الظاهر جقمق وهو يوم ذاك أمير طبلخاناه وخازندار فدفع له الملك المؤيد دراهم ومملوكًا يسمى قمارى وأبقى تغري برمش على ملكه‏.‏

ثم صار تغري برمش بعد موت الملك المؤيد خاصكيًا إلى أن أخرجه الملك الأشرف من الخاصكية مدة سنين ثم أعاده بعد مدة ودام‏.‏

على ذلك إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق فنفاه إلى قوص لكونه خاشنه في الكلام بسبب الإمرة ثم شفع فيه بعد مدة وأنعم عليه بإمرة عشرة واستقر به في نيابة قلعة الجبل بعد موت ممجق النوروزي‏.‏

وقربه الملك الظاهر وأدناه واختص به إلى الغاية وصار له كلمة في الدولة فلم يحسن العشرة مع من هو أقرب منه إلى الملك وأطلق لسانه في سائر أمور المملكة حتى ألجأه ذلك إلى سفر الروم في أمر من الأمور ثم عاد فدام على ما هو عليه ثم تكلم في أمر المجاهدين وأنهم تراخوا في أخذ رودس فعينه السلطان إلى غزوة رودس فسافر وعاد وهو على ما هو عليه فنفاه السلطان إلى القدس بطالًا وكان تغري برمش المذكور فاضلًا عالمًا بالحديث ورجاله مفننًا في أنواعه كثير الإطلاع جيد المذاكرة بالتاريخ والأدب وأيام الناس وله نظم باللغة العربية والتركية ويكتب المنسوب ويشارك في فنون كثيرة وله محاضرة حسنة ومذاكرة حلوة هذا مع معرفته بفنون الفروسية المعرفة التامة كآحاد أعيان أمراء الدولة بل وأمثل منهم ولا أعلم في عصرنا من يشابهه في المماليك خاصة لما اشتمل عليه من الفضيلة التامة من الطرفين‏:‏ من فنون الأتراك وعلوم الفقهاء ومن هو منهم في هذه الرتبة اللهم إن كان الأمير بكتمر السعدي فنعم وإن فاقه بكتمر بأنواع العلاج والقوة فيزيده تغري برمش هذا في الكتابة ونظم الشعر والإطلاع الواسع‏.‏

وفي الجملة أنه كان من الأفراد في عصره في أبناء جنسه لولا زهو كان فيه وإعجاب بنفسه والتعاظم بفنونه والازدراء بغيره حتى إنه كان كثيرًا ما يقول‏:‏ يأتي واحد من هؤلاء الجهلة يمسك كتاب في الفقه فيحفظه في أشهر قليلة ثم يقول في نفسه‏:‏ أنا بقيت فقيهًا‏!‏ الفقيه من يعرف العلم الفلاني ثم العلم الفلاني‏.‏

إيش هؤلاء الذين لا يعرفون معنى بسم الله الرحمن الرحيم‏!‏ ‏"‏‏.‏

فلهذا كان غالب من يتفقه من الأتراك يغض منه ويحط عليه وليس الأمر كذلك وأنا الحق أقوله وإن كان فيهم من هو أفقه منه فليس فيهم أحد يدانيه لكثرة فنونه ولاتساع باعه في النظر والإطلاع والفصاحة والأدب‏.‏

وسوف أذكر من شعره ما يؤيد ما قلته فمن شعره في مليح تفاح خدي شقير فيه مسكي لون زها وأزهر قد بان منه النوى فأضحى زهري لون بخد فشعر وقد ذكرنا من شعره أكثر من هذا في تاريخنا ‏"‏ المنهل الصافي ‏"‏ في ترجمته‏.‏

وأما نظمه باللغة التركية فغاية لا تدرك‏.‏

له قصيدة واحدة عارض بها ‏"‏ شيخي ‏"‏ شاعر الروم يعجز عنها فحول الشعراء‏.‏

وكان رحمه الله من عظم إعجابه بنفسه يقول إن الأمر سيصير إليه مع وجود من هو أمثل منه بأطباق‏.‏

على أنه كان غير الجنس أيضًا ومن أصاغر الأمراء ومع هذا كله كان لا يرجع عما فيه‏.‏

قلت‏:‏ هذه آفة معترضة للقول الصحيح سامحه الله تعالى‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين صرغتمش بن عبد الله القلمطاوي أحد أمراء العشرات في يوم السبت رابع شهر رمضان‏.‏

وكان أصله من مماليك الأمير قلمطاي الدوادار‏.‏

وكان صرغتمش المذكور لا للسيف ولا للضيف ولا ذات ولا أدوات‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين طوغان بن عبد الله العثماني نائب القدس حاجب حلب ثم نائب غزة بها في ذي القعدة‏.‏

وأصله من مماليك الأتابك ألطنبغا العثماني نائب الشام وكان شجاعًا مقدامًا كريمًا للسيف وللضيف رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي قاضي القضاة شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب أمير المؤمنين في الحديث شهاب الدين أبو الفضل أحمد ابن الشيخ نور الدين علي بن محمد محمد بن علي بن أحمد بن حجر المصري المولد والمنشأ والدار والوفاة العسقلاني الأصل الشافعي قاضي قضاة الديار المصرية وعالمها وحافظها وشاعرها في ليلة السبت ثامن عشرين ذي الحجة وصلي عليه بمصلاة المؤمني وحضر السلطان الصلاة عليه ودفن بالقرافة‏.‏

ومشى أعيان الدولة في جنازته من داره بالقاهرة من باب القنطرة إلى الرملة وكانت جنازته مشهودة إلى الغاية حتى قال بعض الأذكياء إنه حزر من مشى في جنازته نحو الخمسين ألف إنسان‏.‏

وكان لموته يوم عظيم على المسلمين ومات ولم يخلف بعد مثله شرقًا ولا غربًا ولا نظر هو مثل نفسه في علم الحديث‏.‏

وكان مولده بمصر القديمة في ثاني عشرين شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وقد أوضحنا أمره في ترجمته في ‏"‏ المنهل الصافي ‏"‏ من ذكر سماعاته ومشايخه وأسماء مصنفاته‏.‏

وكان رحمه الله تعالى إمامًا عالمًا حافظًا شاعرًا أديبًا مصنفًا مليح الشكل منور الشيبة حلو المحاضرة إلى الغاية والنهاية عذب المذاكرة مع وقار وأبهة وعقل وسكون وحلم وسياسة ودربة بالأحكام ومداراة الناس‏.‏

قل أن كان يخاطب الرجل بما يكره بل كان يحسن إلى من يسيء إليه ويتجاوز عمن قدر عليه هذا مع كثرة الصوم ولزوم العبادة والبر والصدقات وبالجملة فإنه أحد من أدركنا من الأفراد‏.‏

ولم يكن فيه ما يعاب إلا تقريبه لولده لجهل كان في ولده وسوء سيرته وما وأما شعره فكان في غاية الحسن‏.‏

ومما أنشدني من لفظه لنفسه رحمه الله‏:‏ الطويل خليلي ولى العمر منا ولم نتب وننوي فعال الصالحات ولكنا فحتى متى نبني بيوتًا مشيدة وأعمارنا منا تهد وما تبنى وله‏:‏ المنسرح سألت من لحظه وحاجبه كالقوس والسهم موعدًا حسنًا ففوق السهم من لواحظه وانقوس الحاجبان واقترنا وله‏:‏ الطويل أتى من أحبائي رسول فقال لي‏:‏ ترفق وهن واخضع تفز برضانا فكم عاشق قاسى الهوان بحبنا فصار عزيزًا حين ذاق هوانا أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع وثمانية عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا وثلاثة وعشرون فيها فشا الطاعون بالديار المصرية وظواهرها وكان ابتدأ من أواخر سنة اثنتين وخمسين في ذي الحجة وعظم إلى أن ارتفع في شهر ربيع الأول ومات فيه عالم كثير من الأعيان من جملتهم ثلاثة أمراء مقدمي ألوف وهم‏:‏ الأمير تمراز القرمشي أمير سلاح والأمير قرا خجا الحسني الأمير آخور وكلاهما كان مرشحًا للسلطنة والأمير تمرباي التمربغاوي رأس نوبة النوب ومن يأتى ذكره من الأعيان وغيرهم رحمهم الله‏.‏

وفيها توفي الشهابي أحمد بن علي بن إبراهيم الهيتي ثم القاهري الأزهري أحد فقهاء الشافعية في يوم الأحد رابع عشر المحرم وكان مجاورًا بجامع الأزهر‏.‏

وتوفي القاضي شهاب الدين أحمد أبن علي بن عامر المسطيهي ثم القاهري الشافعي أحد نواب الحكم بالقاهرة في يوم الاثنين خامس عشر المحرم‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام العالم علاء الدين أبو الحسن علي الكرماني الشافعي شيخ خانقاه سعيد السعداء في يوم الخميس ثاني صفر بالطاعون وكان دينًا فقيهًا صالحًا‏.‏

وتوفي القاضي برهان الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن ظهير الحنفي ناظر الإسطبلات السلطانية في يوم الاثنين سادس صفر بالطاعون ودفن من الغد‏.‏

وكان أحد حواشي الملك الظاهر جقمق وممن نشأ في هذه الدولة‏.‏

وتوفي السيد الشريف علي بن حسن بن عجلان الحسني المكي المعزول عن إمرة مكة قبل تاريخه في ثغر دمياط بالطاعون في أوائل صفر‏.‏

وقد تقدم ذكر نسبه في عدة أماكن من هذا الكتاب‏.‏

وكان أحذق بني حسن بن عجلان وأفضلهم وأحسنهم محاضرة وله ذوق وفهم ومذاكرة رحمه الله‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين تمراز بن عبد الله القرمشي الظاهري أمير سلاح بالطاعون في يوم الجمعة عاشر صفر ودفن من الغد وتولى وظيفة إمرة سلاح من بعده الأمير جرباش الكريمي قاشق‏.‏

وكان تمراز من مماليك الملك الظاهر برقوق ووقع له أمور إلى أن تولى نيابة قلعة الروم ثم نقل بعد مدة إلى نيابة غزة في الدولة الأشرفية برسباي فدام على نيابة غزة سنين ثم عزل وطلب إلى القاهرة على إمرة مائة وتقدمة ألف بها وتولى نيابة غزة من بعده الأمير إينال العلائي الناصري ثم استقر بعد أشهر رأس نوبة النوب بعد أركماس الظاهري بحكم انتقال أركماس إلى الدوادارية الكبرى بعد خروج أزبك الدوادار إلى القدس بطالًا‏.‏

ودام تمراز رأس نوبة النوب سنين كثيرة إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق إلى الأمير آخورية الكبرى بعد مسك جانم الأشرفي ثم صار أمير سلاح بعد أشهر عوضًا عن يشبك السودوني المشد بحكم انتقال يشبك إلى الأتابكية بعد توجه آقبغا التمرازي إلى نيابة الشام عوضًا عن إينال الجكمي فدام تمراز على وكان من محاسن الدنيا لولا إسرافه على نفسه‏.‏

وقد نسبه الشيخ تقي الدين المقريزي رحمه الله في مواضع كثيرة إلى الأمير دقماق المحمدي فقال‏:‏ ‏"‏ تمراز الدقماقي ‏"‏ وليس هو كذلك وإنما تمراز تزوج الست أردباي أم ولد دقماق لا غير‏.‏

وتوفي قاضي القضاة بدر الدين محمد ابن قاضي القضاة ناصر الدين أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاء الله بن عواض بن نجا بن أبي الثناء حمود بن نهار ابن مؤنس بن حاتم بن نيلي بن جابر بن هشام بن عروة بن الزبير بن العوام رضي الله عنه حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم المعروف بابن التنسي المالكي قاضي قضاة الديار المصرية في يوم الاثنين ثالث عشر صفر بالقاهرة وبها نشأ تحت كنف والده وحفظ عدة متون وتفقه بعلماء عصره وبرع وأفتى ودرس وناب في الحكم سنين ثم استقل بوظيفة القضاء بعد موت قاضي القضاة شمس الدين البساطي في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة‏.‏

ولما ولي القضاء أكب على الاشتغال والإشغال‏.‏

وكان مفرط الذكاء جيد التصور مع الفصاحة وطلاقة اللسان وحسن السيرة‏.‏

إلى الغاية والنهاية والتحري والتثبت في أحكامه والحط على شهود الزور حتى أبادهم‏.‏

وكان يحلف حواشيه بالأيمان المغلظة على الأخذ من الناس على بابه ثم بعد ذلك يأخذ في الفحص عليهم وببذل جهده في ذلك مع ذكاء وحذق ومعرفة لا يدخل عليه مع ذلك تنميق منمق ولا خديعة خادع‏.‏

وكان يتأمل في أحكامه ومستندات الأخصام الأيام الكثيرة‏.‏

وبالجملة أنه أعظم من رأينا من القضاة في العفة وجودة سيرة حواشيه الذين هم على بابه بلا مدافعة مع علمي بأحوال من عاصره من القضاة وغزير علمهم ومع هذا كله ليس فيهم أحد يدانيه في ذلك غير قاضي القضاة بدر الدين محمد بن عبد المنعم البغدادي الحنبلي وإن كانت بضاعته مزجاة العلوم فهو أيضًا كان من هذه المقولة‏.‏

وليس حسن السيرة متعلقة بكثرة العلم وإنما ذلك متعلق بالتحري والدين والعقل والحذق والعفة‏.‏

وقد حكى لي صاحبنا محمد بن تلتي قال‏:‏ غضب علي السلطان بسبب تعلقات الذخيرة من جهة ميراث ورسم أن أتوجه إلى القاضي الحنبلي وأن يدعى علي عنده ويرسم علي فادعي علي فأجبت بجواب مرض فقال القاضي‏:‏ اذهب إلى حال سبيلك ليس لأحد عندك شيء‏.‏

فقلت‏:‏ أخشى من سطوة السلطان لا بد أن أقيم في الترسيم فامتنع من ذلك فقلت‏:‏ أقيم على باب القاضي كأنني في الترسيم خشية من السلطان فأقمت نحو الشهر على بابه أحضر سماطه في طرفي النهار ورسل السلطان تترد إليه وهو يرد الجواب بأن لا حق لهم عندي‏.‏

فلما أعياهم أمره نقلوني من عنده إلى بيت بعض أعيان قضاة القضاة ففي اليوم المذكور غرمت لحاشيته ثلاثين دينارًا وقرر علي نحو المائة ألف درهم للسلطان بغير وجه شرعي ولم أر وجه القاضي المذكور في ذلك اليوم غير مرة واحدة وإنما صرت أيدي حواشيه كالفريسة يتناهبوني من كل جهة حتى هان علي أني أزن مهما أرادوا وأتخلص من أيديهم - انتهى‏.‏

قلت‏:‏ وقد خرجنا عن المقصود بذكر هذه الحكاية عن القاضي الحنبلي ووقع مثل هذا وأشباهه لقاضي القضاة بدر الدين هذا غير مرة‏.‏

ومحصول الأمر أنه كان عفيفًا دينًا حسن السيرة مشكور الطريقة بريًا عما يرمى به قضاة السوء‏.‏

وكان رحمه الله له سماع كثير في الحديث وإلمام بالأدب وله نظم جيد‏.‏

ومما نظمه في النوم في طاعون سنة سبع وأربعين وأنشدنيه قاضي القضاة بدر الدين المذكور إجازة إن يكن سماعًا‏:‏ الوافر إله الخلق قد عظمت ذنوبي فسامح ما لعفوك من مشارك أغث يا سيدي عبدًا فقيرًا أناخ ببابك العالي ودارك قلت‏:‏ وهذا يشبه قول الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر لنفسه رحمه الله‏:‏ البسيط سرت وخلفتني غريبًا في الدار أصلى هوى بنارك أدرك حشًا حرقت غرامًا في ربعك المعتلي ودارك ومن شعر القاضي بدر الدين أيضًا فيما يقرأ على قافيتين مع استقامة الوزن‏:‏ السريع جفوت من أهواه لا عن قلى فظل يجفوني يروم الكفاح ومثل هذا أيضًا للحافظ شهاب الدين بن حجر العسقلاني الشافعي‏:‏ السريع نسيمكم ينعشني في الدجى طال فمن لي بمجيء الصباح ويا صباح الوجه فارقتكم فشبت همًا إذ فقدت الصباح ومثله للشيخ شمس الدين محمد بن الحسن بن علي النواجي‏:‏ الطويل خليلي هذا ربع عزة فاسعيا إليه وإن سالت به دمعي طوفان فجفني جفا طيب المنام وجفنها جفاني فيا لله من شرك الأجفان ومثل ذلك لقاضي القضاة صدر الدين علي بن الأدمي الحنفي وهو عندي مقدم على الجميع‏:‏ السريع يا متهمي بالسقم كن منجدي ولا تطل رفضي فإني عليل أنت خليلي فبحق الهوى كن لشجوني راحمًا يا خليل وتوفي الأمير سيف الدين إينال بن عبد الله اليشبكي أحد أمراء العشرات بالطاعون في يوم الأربعاء خامس عشر صفر‏.‏

وكان أصله من مماليك الأتابك يشبك الشعباني وكان من المهملين رحمه الله‏.‏